يتزامن الثالث من شهر ديسيمبر بالذكرى السابع من حادثة فندق (شاموا) المروعة والتي ملأت في أكتاف عشرات من البتوت الصومالية مزيدا من الأنين والصرخات التي آلمت معظمها كثيرا من الأمهات -بعد أن أريقت دماء أبنائهن الطاهرة- اللاتي كافحكن لأجل بناء مستقبل مشرق لهم؛ حيث واجهن معظم تحديات الحياة الجمّة، صعودا الى القمة التي يأملن لأبنائهن بأنهم سوف يتنعمون فيها بعد تلد الأعوام الشداد التي مرت عليهم ويستريحون من التعب والضنك الذي لحق بهم، وتركت في بسمتهم أثرا سيئا لايحمد، نزولا الى القاع من الفرحة والطرب والرفاهية اللاتي كنّ يحلمن ويتوقعن من أزواجهن الذين فارقوا الحياة مؤخرا -بعد الزفاف- وبوقت وجيز!.
عنها
أكتب، وفي أعماقي آلام موجعة تتزاحم في طريقها الى سويداء قلبي لتترسخ فيها والى
الأبد، ولايسامحني القلم بأن أكون محايدا في سطوري؛ لأجامل لهؤلاء الوحوش والكلاب
الذين استولوا بلادنا فارين من بلدان نائية تتنعم بالأمن والإستقرار وقد تسسلوا
إليها بذريعة اقامة العدل والسلام في ربوع الوطن، فأصبحنا مغرورين بكلماتهم
السخيفة وأمّناهم وأسكناهم في ديارنا على أساس (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
خصاصة) ليرتاحوا فيها أينما يشاؤون!، ولكنهم في الحقيقة تحوّلوا الى أعداء وجبابرة
يتاجرون من أرواح أبريائنا وضعافنا وخيرة شعبنا؛ ليحكموا سلطتهم علينا بالقوة،
ولكننا تداركنا الأمر ولات ساعة مندم!.
أبعث
سطوري –هذه- هديّة الى تلك الأم التي بذلت بالغ وسعها في سبيل ترميم وتنقيش أحلام
أطفالها بشق الأنفس، لاتملك كفيلا ولامن يترحم عليها في حالتها سوى ربّها الذي
يتابع صرخاتها في الساعات الأخيرة من الليل عن كثب!، بل وقد أصرّت على حالها سنينا
مديدة رغم ويلات الحروب الطاحنة التي تشتعل في أرجاء الوطن لمدة تزيد عن عقدين من
الزمن!، امسحي دموعك فالألم قد يكون ألما واحدا في قاموس أحدهم ولكنه في الحقيقة آلام
لم تحظ بأن يودع في طيّ النسيان أبدا بعد سبع سنين من وقوعها،أكنّ لك الإعتراف
بحقّك وأدرك-تماما- كم كنت تألّمين حين يقبلك فلق الصبح لتنهضين بثقل في كسب ما
تسد به رمقهم ولتساعدهم في إدراك من سبقهم من أقرانهم؛ لئلا يتناقص طربهم
المستقبلية ولو كان قليلا، كل هذا حدث وانت لاتشعرين بأبنائك مدى حجم الألم والتعب
الذي لحق بك!، أغمض عيناي في بحور المغامرة ملحّا بالقتلة بعباراتي النارية وأنا
أتنازل عن سلامتي لأناشد (القتلة) أمام الصامتين عن العدالة -مبرزا الى السطح-
ماذا فعلوا بك وكم آلموك؛ لعلها تكون لك شيئا بسيطا في قاموسي منحته لشخصيّة عزيزة
مثلك، وكبيرا في قواميسك المباركة التي تر الجميل بأعين حاذقة؛ ليوسي لك الخير
ويمسح عن خدّيك الدموع الحارة التي لم يجّف أثرها بعد!.
مزيدا
من الأرواح أرهقت، وحال بينهم وبين أملهم المنشود لمدّة تقارب خمس سنين عداء لروح
النهضة والتثقيف ليبقوا -والى الأبد- اما حفرة الجهل والتبعية أو القتل والرحيل عن
هذا العالم المتناقض بين عشيّة وضحاها، ومن حقّي أن أصف بتلك الحادثة المروعة بأنها
وأد بروح المثابرة وحصد أرواحها، ورمي الجهود المكافكة الى أسفل الجحيم؛لئلا يزعزعوا
أمن (القتلة) بقلمهم، عداء جليّ ضدّ التعليم قبل السلام والرخاء والسعادة، عداء
يهدف الى وضع الصومال أدنى مرتبة من مراتب التدهور والإنحطاط، قتلة يودون ألم
الجيل الجديد يستخدمون بذلك كل مالديهم من قوة وعذاب دون التميّز بين هذا ولاذاك،
نحن –فقط- من يبررون جرائمهم بالتأويلات الباطلة والمقولات الدنيئة بأن العملية لم
تكن تستهدف بأرواح الطلبة –ذاتهم- وإنما جاءت منيتهم في حساب غيرهم من رجال الدولة!،
ولكنهم في الحقيقة لافرق عندهم بين الذي اندمج في سلك الدولة وبرز لهم عداءه
الجليّ لهم وبين من يبقى في أوساطهم أو غيرهم لايشجع فريقهم ولا معارضيهم ليثبت
سلامته في كل حالة؛ لأنّهم (قتلة) والقتلة لايرحمون!.
ماما...
آمل بعدما مرّت عليك سنينا كئيبة أصبح الأنين وذرف الدموع الحارة دأبك، أن تجدي من
يقف جنبك في مناصرتك ضدّ هؤلاء القتلة، آمل أن تمرّ عليك أياما سعيدة سوف تبتسمين فيها
وانت واقفة أمام جثمان القتلة لترقصين عليهم ولتركلين جثمانهم الى هنا وهناك حيث
تقرين بنفسك ليهدأ منك صداع الألم!، آمل بعد مامرت عليك سبع سنين دأبا من فقد ابنك
البار أن تجدي من يجبر خاطرك ويحاسب لك عدوك اللذوذ؛ لتطمئني أكثر مما كنت عليه
قبل رحيل ابنك، أثق بأن هذا سيحصل يوما ولو مرّت عليك أعواما ستدومين فيها بحالتك
السابقة؛ لأن القلوب المتحجرة سوف تلين يوما ما أو قد تزول مع خذلانها بك ويخلفها
من هو أرحم لك منها، اصبري واحتسبي عسى الفرج قادم!.